فصل: 2- التخصر في الصلاة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.5- حمل الصبي وتعلقه بالمصلي:

فعن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وأمامة بنت زينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلم على رقبته فإذا ركع وضعها وإذا قام من سجوده أخذها فأعادها على رقبته فقال عامر ولم أسأله: أي صلاة هي؟ قال ابن جريج: وحدثت عن زيد بن أبي عتاب عن عمرو بن سليم: أنها صلاة الصبح.
قال أبو عبد الرحمن جوده أي جود ابن جريج إسناد الحديث الذي فيه أنها صلاة الصبح رواه أحمد والنسائي وغيرهما.
قال الفاكهاني: وكأن السر في حمله صلى الله عليه وسلم أمامة في الصلاة دفعا لما كانت العرب تالفه من كراهة البنات بالفعل قد يكون أقوى من القول.
وعن عبد الله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاة العشي الظهر أو العصر وهو حامل حسن أو حسين فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها، قال: إني رفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت في سجودي.
فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك؟ قال: «كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته» رواه أحمد والنسائي والحاكم.
قال النووي: هذا يدل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبي والصبية وغيرهما من الحيوان الطاهر في صلاة الفرض وصلاة النفل، ويجوز ذلك للامام والمأموم.
وحمله أصحاب مالك رضي الله عنه على النافلة ومنعوا جواز ذلك في الفريضة.
وهذا التأويل فاسد لأن قوله يؤم الناس صريح أو كالصريح في أنه كان في الفريضة، وقد سبق أن ذلك كان في فريضة الصبح.
قال: وادعى بعض المالكية أنه منسوخ وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم أنه كان لضرورة.
وكل هذه الدعاوى باطلة ومردودة فإنه لا دليل عليها ولا ضرورة إليها، بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع، لأن الادمي طاهر وما في جوفه معفو عنه لكونه في معدته، وثياب الاطفال تحمل على الطهارة ودلائل الشرع متظاهرة على هذا.
والافعال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بيانا للجواز وتنبيها به على هذه القواعد التي ذكرتها.
وهذا يرد ما ادعاه الإمام أبو سليمان الخطابي أن هذا الفعل يشبه أن يكون كان بغير تعمد فحملها في الصلاة لكونها كانت تتعلق به صلى الله عليه وسلم فلم يرفعها فإذا قام بقيت معه.
قال: ولا يتوهم أنه حملها مرة أخرى عمدا لأنه عمل كثير ويشغل القلب، وإذا كان علم الخميصة شغله فكيف لا يشغله هذا؟ هذا كلام الخطابي رحمه الله تعالى، وهو باطل ودعوى مجردة. ومما يردها قوله في صحيح مسلم: فإذا قام حملها.
وقوله: فإذا رفع من السجود أعادها، وقوله في رواية غير مسلم: خرج علينا حاملا أمامة فصلى فذكر الحديث.
وأما قضية الخميصة فلأنها تشغل القلب بلا فائدة، وحمل أمامة لا نسلم أنه يشغل القلب وإن شغله فيترتب عليه فوائد وبيان قواعد مما ذكرناه وغيره، فأصل ذلك الشغل لهذه الفوائد، بخلاف الخميصة فالصواب الذي لا معدل عنه أن الحديث كان لبيان الجواز والتنبيه على هذه الفوائد فهو جائز لنا وشرع مستمر للمسلمين إلى يوم الدين، والله أعلم.

.6- إلقاء السلام على المصلي:

ومخاطبته وأنه يجوز له أن يرد بالاشارة على من سلم عليه أو خاطبه:
فعن جابر بن عبد الله قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى بني المصطلق فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته فقال بيده هكذا، ثم كلمته فقال بيده هكذا «أشار بها» وأنا أسمعه يقرأ ويومئ برأسه.
فلما فرغ قال: «ما فعلت في الذي أرسلتك فإنه لم يمنعني من أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي؟» رواه أحمد ومسلم.
وعن عبد الله بن عمر عن صهيب أنه قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت فرد علي إشارة، وقال: لا أعلمه إلا قال إشارة بإصبعه: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون في الصلاة؟ قال: كان يشير بيده. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي.
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة. رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة وهو صحيح الاسناد.
ويستوي في ذلك الاشارة بالاصبع أو باليد جميعها أو بالايماء بالرأس فكل ذلك وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

.7- التسبيح والتصفيق:

يجوز التسبيح للرجال والتصفيق للنساء إذا عرض أمر من الأمور، كتنبيه الإمام إذا أخطأ وكالاذن للداخل أو الارشاد للاعمى أو نحو ذلك.
فعن سهل بن سعد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله، إنما التصفيق للنساء، والتسبيح للرجال» رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

.8- الفتح على الإمام:

إذا نسي الإمام آية يفتح عليه المؤتم فيذكره تلك الآية، سواء كان قرأ القدر الواجب أم لا.
فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فالتبس عليه فلما فرغ قال لابي: «أشهدت معنا؟» قال: نعم.
قال: «فما منعك أن تفتح علي؟» رواه أبو داود وغيره ورجاله ثقات.

.9- حمد الله عند العطاس أو عند حدوث نعمة:

فعن رفاعة بن رافع قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى.
فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من المتكلم في الصلاة؟» فلم يتكلم أحد، ثم قال الثانية فلم يتكلم أحد، ثم قال الثالثة فقال رفاعة: أنا يا رسول الله، فقال: «والذي نفس محمد بيده لقد ابتدرها بضع وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها» رواه النسائي والترمذي ورواه البخاري بلفظ آخر.

.10- السجود على ثياب المصلي أو عمامته لعذر:

فعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الأرض وبردها. رواه أحمد بسند صحيح. فإن كان لغير عذر كره.

.11- تلخيص بقية الاعمال المباحة في الصلاة:

لخص ابن القيم بعض الاعمال المباحة التي كان يعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة فقال: وكان صلى الله عليه وسلم يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة فإذا سجد غمزها بيده فقبضت رجلها وإذا قام بسطتها، وكان صلى الله عليه وسلم يصلي فجاءه الشيطان ليقطع عليه صلاته فأخذه فخنقه حتى سال لعابه على يده، وكان يصلي على المنبر ويركع عليه فإذا جاءت السجدة نزل القهقرى فسجد على الأرض ثم صعد عليه، وكان يصلي إلى جدار فجاءت بهيمة تمر بين يديه فما زال يدارئها حتى لصق بطنه بالجدار، ومرت من ورائه، وكان يصلي فجاءته جاريتان من بني عبد المطلب قد اقتتلنا فأخذهما بيده فنزع إحداهما من الاخرى وهو في الصلاة.
ولفظ أحمد فيه: فأخذتا بركبتي صلى الله عليه وسلم فنزع بينهما أو فرق بينهما ولم ينصرف، وكان يصلي فمر بين يديه غلام فقال بيده وهكذا فرجع، ومرت بين يديه جارية فقال بيده هكذا، فمضت، فلما صلى رسلو الله صلى الله عليه وسلم قال: «هن أغلب» ذكره الإمام أحمد وهو في السنن.
وكان ينفخ في صلاته وأما حديث «النفخ في الصلاة كلام» فلا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما رواه سعيد في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله - إن صح - وكان يبكي في صلاته، وكان يتنحنح في صلاته.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة آتيه فيها، فإذا أتيته استأذنت فإن وجدته يصلي تنحنح فدخلت وإن وجدته فارغا أذن لي.
ذكره النسائي وأحمد، ولفظ أحمد: كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخل من الليل والنهار وكنت إذا دخلت عليه وهو يصلي تنحنح رواه أحمد وعمل به فكان يتنحنح في صلاته ولا يرى النحنحة مبطلة للصلاة، وكان يصلي حافيا تارة ومنتعلا أخرى.
كذا قال عبد الله بن عمر، وأمر بالصلاة بالنعل مخالفة لليهود، وكان يصلي في الثوب الواحد وفي الثوبين تارة، وهو أكثر.

.12- القراءة من المصحف:

فإن ذكوان مولى عائشة كان يؤمها في رمضان من المصحف، رواه مالك. وهذا مذهب الشافعية.
قال النووي: ولو قلب أوراقه أحيانا في صلاته لم تبطل، ولو نظر في مكتوب غير القرآن وردد ما فيه في نفسه لم تبطل صلاته وإن طال، لكن يكره.
نص عليه الشافعي في الإملاء.

.13- شغل القلب بغير أعمال الصلاة:

فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضى الأذان أقبل، فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا، اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظن الرجل لا يدري كم صلى، فإن لم يدر أحدكم ثلاثا صلى أم أربعا فليسجد سجدتين وهو جالس» رواه البخاري ومسلم وقال البخاري: قال عمر: إني لاجهز جيشي وأنا في الصلاة.
ومع أن الصلاة في هذه الحالة صحيحة مجزئة فإنه ينبغي للمصلي أن يقبل بقلبه على ربه ويصرف عنه الشواغل بالتفكير في معنى الايات والتفهم لحكمة كل عمل من أعمال الصلاة فإنه لا يكتب للمرء من صلاته إلا ما عقل منها.
فعند أبي داود والنسائي وابن حبان عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها»
وروى البزار عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله عزوجل: إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل بها على خلقي، ولم يبت مصرا على معصيتي وقطع النهار في ذكري، ورحم المسكين وابن السبيل والارملة، ورحم المصاب، ذلك نوره كنور الشمس، أكلؤه بعزتي، واستحفظه ملائكتي، أجعل له في الظلمة نورا وفي الجهالة حلما، ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة».
وروى أبو داود عن زيد بن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ فأحسن وضوءه، ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه».
وروى مسلم عن عثمان بن أبي العاص قال، قلت: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وبين قراءتي يلبسها علي، فقال صلى الله عليه وسلم: «ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا» قال: ففعلت فأذهبه الله عني.
وروى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله عزوجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال {الحمد لله رب العالمين} قال الله عزوجل: حمدني عبدي، وإذا قال {الرحمن الرحيم} قال عزوجل: أثنى علي عبدي، وإذا قال {مالك يوم الدين} قال مجدني عبدي وفوض إلي عبدي، وإذا قال {إياك نعبد وإياك نستعين} قال هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل».

.مكروهات الصلاة:

يكره للمصلي أن يترك سنة من سنن الصلاة المتقدم ذكرها، ويكره له أيضا ما يأتي:

.1- العبث بثوبه أو ببدنه:

إلا إذا دعت إليه الحاجة فإنه حينئذ لا يكره: فعن معيقب قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى في الصلاة فقال: «لا تمسح الحصى وأنت تصلي فإن كنت لابد فاعلا فواحدة: تسوية الحصى» رواه الجماعة.
وعن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى» أخرجه أحمد وأصحاب السنن.
وعن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لغلام له يقال له يسار، وكان قد نفخ في الصلاة: «ترب وجهك لله» رواه أحمد بإسناد جيد.

.2- التخصر في الصلاة:

فعن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة رواه أبو داود وقال: يعني يضع يده على خاصرته.

.3- رفع البصر إلى السماء:

فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أون لتخطفن أبصارهم» رواه أحمد ومسلم والنسائي.

.4- النظر إلى ما يلهي:

فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في حميصة لها أعلام فقال: «شغلتني أعلام هذه، اذهبوا بها إلى أبي جهم واتوني بأنبجانيته» رواه البخاري ومسلم.
وروى البخاري عن أنس قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أميطي قرامك، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي».
وفي هذا الحديث دليل على أن استثبات الخط المكتوب في الصلاة لا يفسدها.

.5- تغميض العينين:

كرهه البعض وجوزه البعض بلا كراهة، والحديث المروي في الكراهة لم يصح.
قال ابن القيم: والصواب أن يقال: إن كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع فهو أفضل وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزخرفة والتزويق أو غيره مما يشوش عليه قلبه فهناك لا يكره التغميض قطعا والقول باستحبابه في هذا الحال أقرب إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بالكراهة.